البحث العلمي – رزيقة عدناني
L’enseignant qui fait la prière de « l’istisqa » (de la pluie) avec ses élèves pour demander à Dieu de faire tomber la pluie ne développe pas en eux les qualités morales et intellectuelles qui leur permettront demain de faire de la recherche scientifique.
ماذا عن البحث العلمي في الجزائر؟
سؤالك هذا يكمل سؤالك عن المعرفة العلمية والمعرفة الساذجة لأن المجتمع حتى تكون لديه معرفة علمية لابد أن يكون فيه بحث علمي. وحتى يكون هناك بحث علمي لازم من توفر شروط والدليل على ذلك أنه ليس كل المجتمعات لديها بحث علمي وبالتالي ليس كل المجتمعات تنتج المعرفة العلمية. يمكن أن أذكر هذه الشروط في عنصرين:
الأول شرط مادي لكنه أساسي. حتى يكون في مجتمع بحث علمي ما لابد أن تكون هناك مراكز للبحث العلمي ولابد أن تكون تلك المراكز مجهزة بالأدوات التي تمكن الباحثة أو الباحث من أن يقوم بعمله أي بالبحث العلمي. ولابد أن يكون للباحثة أو الباحث راتب يمكنه من أن يكون مطمئنا على حاجياته اليومية وحاجيات أسرته ليتمكن من أن يتفرغ للبحث العلمي.
الشرط الثاني هو عامل بشري. إن الأموال وحدها ليست سبب قيام بالبحث العلمي. وإنما لابد من تستثمر تلك الأموال في ميدان العلمي مما يتطلب إرادة التي تنتج عن الرغبة في ذلك من ذوي القرارات السياسية. فالجزائر كانت لديها الأموال لما كان ثمن البترول مرتفعا ولكنها لم تشجع على البحث العلمي. بل بالعكس استثمرت اموالها في بناء أكبر مسجد في العالم مما يدل على غياب الرغبة السياسية في تطوير البحث العلمي في الجزائر.
العامل الثاني الذي يتعلق دائما بالإنسان هو الذي يتعلق بالباحث نفسه إذ يمكن أن تكون في المجتمع أموال ويمكن أن يكون هناك سياسيين يريدون تطوير البحث العلمي ولكن إذا لم يكن هناك عامل البشري قادر على القيام بالبحث العلمي لا يمكن أن يكون هناك بحث علمي. هذا العامل البشري لا يحدث بين ليلة وأخرى. حتى يكون الإنسان عالما لا بد أن تكون لدية الصفات الفكرية والنفسية لذلك والتي نسميها الروح العلمية. من بين مبادئ الروح العلمية، مثلما ذكرها الفيلسوف الفرنسي غاستون بشلار الذي عاش بين نهاية القرن العشرين ومنتصف القرن العشرين والذي اهتم كثيرا بشروط البحث العلمي والتفكير العلمي والمعرفة العلمية، تفسير ظواهر الطبيعية بظواهر طبيعية أخرى.
اليوم مثلا والعالم يعاني من فيروس الكرونا حتى يمكن أن يواجهه لابد منه أن نتعامل معه كظاهرة طبيعية ونفسره بظاهرة طبيعية أخرى. كذلك يفسر العالم ظواهر اجتماعية بظواهر اجتماعية أخرى.
هذه الواقعية في التعامل مع المشاكل الاجتماعية والظواهر الطبيعية هي التي تمنع العالم من اللجوء إلى عالم الميتافيزيقا وعالم الغيبيات و الألوهيات كالعين و الجن وغضب الأرواح والآلهة التي هي كلها عوائق ابستمولوجية لقيام البحث العلمي و انتاج المعرفة العلمية. الأبستمولوجيا فرع من الفلسفة تهتم بالمعرفة بشكل عام.
لابد على المجتمع أن ينمي ويغرس هذه الروح العلمية عند الإنسان منذ الصغر. نحن في الجزائر للأسف كل عام لما يكون هناك جفاف نرى المعلمين يخرجون بالتلاميذ إلى ساحة المدرسة ليقوموا بصلاة الاستسقاء ليطلبوا من الله أن ينزل الامطار. في هذه الحالة إن المدرسة الجزائرية والمعلم الجزائري بدل أن يغرسا في نفسية الطفل الروح العلمية يغرس فيه عوائق الروح العلمية لأنه بهذا العمل و يقول لهم أن نزول الامطار يتعلق بالقدرة الإلهية أي يعلمهم تفسير ظاهرة طبيعية بظاهرة غيبية توجد خارج الطبيعة.
التفسير الغيبي للظواهر الطبيعية يجعل الإنسان يستسلم للمشاكل الطبيعية التي تواجهه وينتظر المعجزات لتحل مشاكله، بينما العلم قائم على العمل و البحث لمعرفة أسباب الظواهر للتغلب عليها. ثم إن التلميذ الصغير الذي يقول له الاستاذ أنه لا بد من الصلاة و الدعاء لينزل الله الأمطار و هو يعلم أن هناك مناطق على هذه الكرة الأرضية التي تنزل فيها الأمطار بشكل كبير وكل المناظر الطبيعية فيها خضراء طول السنة سيتساءل لماذا الله يشح علي المسلمين بالمطر و يطلب منهم الصلاة و الدعاء من أجل أن يعطي لهم القليل منها بما في ذلك العربية السعودية التي يتوجه إليها الناس للصلاة خمسة مرات في اليوم و طول السنة بيتما يعطي منهاا الكثير لغيرهم، هذا الطفل إما أنه لن يفهم أي شيء وإما أن تراوده أسئلة كثيرة.
السؤال هو الخطوة الأساسية في البحث العلمي لأنه دليل على وجود الرغبة في المعرفة التي هي عامل نفسي مهم. ولكن في المجتمع الذي لا يسمح بالتساؤل والتعبير عنه واعتباره خروج على ثقافته ومعتقداته يفرض على التلميذ كتمان أسئلته. مثل هذا المجتمع لا يمكنه أن يسمح للروح العلمية أن تنشأ لدى الطفل وبالتالي بناء انسان قادر على القيام بالبحث العلمي. عدم الشعور بالأمان في التعبير عن الأفكار من أكبر عوائق النشاط الفكري. لذلك فأول شرط في قيام البحث العلمي هي الحرية الفكرية. #رزيقةعدناني
L’esprit scientifique – Entretien accordé à la radio algérienne chaine 1