الفلسفة و الدين La philosophie et la religion



© Le contenu de ce site est protégé par les droits d’auteurs. Merci de citer la source et l'auteure en cas de partage.

الفلسفة و الدين ( مقطع كم كتاب رزيقة عدناني : تعطيل العقل في الفكر الإسلامي)

قبل أن يكون الإنسان متدينا كان مفكرا فيلسوفا. لأن ظهور الديانات سبقه تفكير وتأمل في الوجود وكيف هو موجود، وفي الإنسان ومكانته في الوجود. كانت الفلسفة هي التي تجيب عن أسئلة الإنسان. لكنها أجوبة تمتاز بالاختلاف وعدم الاتفاق بين الفلاسفة، ولم تكن تشفي غليل الإنسان في المعرفة. فكانت تستدعي دائما أسئلة أخرى فكان كل جواب يتحول إلى سؤال جديد على حد تعبيرJaspers Karl . لذلك كان الإنسان الفيلسوف يشعر دائما، وكأن قلقه لم ينته، والراحة النفسية التي يبحث عنها لم يبلغها.

لما جاء الدين تعامل مع الحقيقة تعاملا جديدا مختلفا عن تعامل الفلسفة لها، فقدم للإنسان الحقيقة فيصبغة مطلقة مقدسة أوحى بها الكائن الأعلى، وليست إنتاج الفكر البشري مثلما كان الحال مع الفلسفة، إذاكان رتراند راسلBertrand Russel يرى قيمة الفلسفة في عدم يقينها و Jaspers Karl في أسئلتها، لم يكنذلك موقف الإنسان بشكل عام الذي يبحث عن أجوبة تشفي غليله. لذلك أخذ بالحقيقة الدينية دون تردد وسكنإليها.

هكذا استولى الدين اليهودي ثم المسيحي على قلوب الناس في وقت قصير، فهجروا الفلسفة التي فقدتالكثير من مجال نشاطها، وضعفت في قلوب الناس، ودخلت في عهد خريفها. فلم يعد هناك سبيل للدفاع عنهاسوى تأييد الحقيقة الدينية، والدفاع عنها. فأصبحت فلسفة تنشط تحت لواء الدين، خدمة له.

كذلك لم تجد الفلسفة الإسلامية طريقا لتثبيت نفسها في قلوب الناس إلا عن طريق الحقيقة الدينية التي آمن بها الناس. فحملت على عاتقها مهمة إثباتها لإقناع الناس أن الفلسفة لا تختلف عن الدين ما دامت تؤدي إلى نفس الحقيقة. كانت مهمة الفلاسفة البرهة أن غاية الفلسفة هي إدراك الحق، الذي هو معرفة الله الكائن الأعلى. والحق لا يضاد الحق، وإنما يشهد له على حد تعبير ابن رشد. وبالتالي فالشريعة والحكمة عنده أختان في الرضاعة لا يفرق بينهما إلا المنهج. لأن منهج الفلسفة هو العقل وقوانينه، ومنهج الدين هو الإيمان. هكذا كانت مهمة الفلاسفة إعادة الثقة في الفلسفة، وفي منهجها العقلي في نفوس الناس، ليزول التعارض بينها وبين الدين، ويتم التوفيق بينهما.

لكن كل تلك المحاولات للتوفيق بين الدين والفلسفة فشلت، وانتهى مشوار الفلسفة التوفيقية بضربة عنيفةعلى الفلسفة والعقل. فحكم الإنسان أن الدين مسألة عقائدية تؤخذ بالقلب وليس مسألة برهان عقلي. كذلك كان مصير الفلسفة الإسلامية. فلم تجد محاولات ابن رشد لإعادة الصلح بينها وبين الدين الإسلامي. فأبعدالعقل عن الدين، وفصل بينهما. وأصبح النقل و ليس العقل القاعدة المعمول بها في مسائل الدين، سواء عندرجال الدين أو عند العلماء.

رزيقة عدناني

مقاطع أخرى من الكتاب  

متى يكون الفكر أنه إسلاميًا؟

عن المحكم و المتشابه

تفسير القرآن بين النص و الفكر البشري

© Le contenu de ce site est protégé par les droits d’auteurs. Merci de citer la source et l'auteure en cas de partage.

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *