رزيقة عدناني – المغرب الكبير : تأثير الإسلام على التطور الاجتماعي و السياسي -Maghreb : l’impact de l’islam sur l’évolution sociale et politique
المغرب الكبير : تإثير الإسلام عل التطور الاجتماعي و السياسي دراسة نشرتها فندابول تحت عنوانMaghreb : l’impact de l’islam sur l’évolution sociale et politique مترجمة إلي اللغة العربية
مقدمة الكتاب
(1)لقد ولد هذا النص من محاضرة كنت قد ألقيتها في المؤتمر الدويلي الجيوـ السياسي السادس لمدينة تروفيل على البحر الفرنسية في سبتمبر 2021. وكانت الجزائر قد أصدرت أنذاك دستورها الجديد (في شهر ديسمبر 2020) الذي تم التنازل فيه –من جملة أمور – عن حرية المعتقد لأجل المزيد من الحماية للدين. في شهر جويلية 2022، تقهقر دستور تونس، الدولة الأكثر حداثة بشمال أفريقيا، أشواطًا إلى الوراء. هذه الظاهرة المتمثلة في العودة إلى الماضي سببها تصاعد النزعة الإسلامية الأصولية و التيار المحافظ الذان تؤثران على كل الدول التي يمثل الإسلام فيها دين الأغلبية و كذلك الدول التي يكون فيها ديانة ذات أهمية نظرا لعدد الناس الذين ينتمون إليه، مثلما هو الحال في الغرب اليوم. أردت أن أقوم بهذا التحليل لظاهرة تأثير الدين على التطور السياسي والاجتماعي في البلدان الإسلامية و لماذا لا تتمكن هذه البلدان من الخروج من ممارسات وقيم الماضيين؟ لماذا تعجز عن إجراء إصلاحات عميقة وخلق التغيير ؟ لماذا تنتهي الحركات الشعبية في كل الدول الإسلامية بالمزيد من التخلي عن مكتسبات النهضة والعودة أكثر إلى الماضي؟
إن تركيز تحليلي على هذه البلدان الثلاثة: الجزائر، المغرب وتونس يرجع في المقام الأول إلى أسباب عملية المتمثلة في القدرة على تقديم أمثلة ملموسة لفهم أكثر لهذا التأثيرللدين. كما يعود أيًضا إلى لروابط التاريخية والثقافية و الجغرافية وكذلك الوجدانية التي تربط بين شعوبها، وضرورة في تحقيق الاتحاد المغاربي لتشكيل القوة السياسية والاستراتيجية التي تحتاج إليها هذه الدول.ويرجع ذلك أيضا إلى أن جزًءا كبًيرا من المسلمين في فرنسا،وفي بلجيكا و إسبانيا وإيطاليا، أصولهم من هذه البلدان. لذلك فإن فهم تأثير الدين الإسلامي على التطور الاجتماعي والسياسي للمجتمعات المغاربية يمثل كذلك عن ًصراهاًما لفهم تأثيره على تطور الكثير من المجتمعات الأوروبية. في هذا المقال، أركز تحليلي على الفترة التي تبدأ من بداية القرن التاسع عشر، أي من عصر النهضة و بإنجازاتها، والهدف من ذلك هو شرح أسباب العودة إلى التقاليد و التدين المحافظ في الميدان الاجتماعي والسياسي الذي تتميز به المجتمعات الإسلامية اليوم، و لنفس
السبب تزداد ابتعادا، من حيث المعايير والسلوك، عن الحداثة التي أرادتها النهضة. أذكّر في هذه الدراسة بالكتب أو المقالات التي كتبتها كلما استدعت الفكرة المزيد من التحليل. كذلك كثًيرا ما أؤكد حين أذكر الإسلام على أنه الإسلام مثلما يتصوره المسلمون ويمارسونه للتمييز بين الإسلام المنصوص عليه في القرآن، والإسلام الموجود، بأشكال مختلفة، في الواقع الإنساني والذي أصبح فكرا إسلاميا، أي تيلوجيا، وقوانين وسلوكات، و ثقافة. وإذا كان الأول، حسب العقيدة الإسلامية، منزلاً من السماء، فإن الثاني وضعه المسلمون معتمدين في ذلك على القرآن بكل التأكيد، ولكنه ليس الإسلام الموجود في القرآن ذاته.”الإسلام المُنّزل”و”الإسلام المبني”مفهومان قمت بصياغتهما في أعمالي للتأكيد على الجزء الإنساني في الإسلام الذي يمارسه المسلمون منعه من أني كون كاملاً أومقدًسا.إن كل كل يتكون من جزء غير مقدس لا مكنه أن يكون مقدسا. اسحضار هذا في الذهن مهم للتذكير بأنه إذا كان المسلمون قد بنوا بالأمس الإسلام الذي تناسب مع ثقافتهم وعصرهم و حاجياتهم السياسية و الإجتماعية، فلماذا لا يملكون الحق اليوم في بناء الإسلام الذي يتناسب مع عصرهم والقيم الإنسانية الحديثة؟ بناء من نفس القرآن، هذا الإسلام الجديد ضروري اليوم لحل المشاكل التي يطرحها الإسلام الذي بناه الأولون منذ قرون في مجتمعاتنا المعاصرة ؟
رزيقة عدناني
(1) -Trouville-sur-mer